زكاة الفطر: حكمها – مقدارها – وقت إخراجها
زكاة الفطر
جاء في كتاب «منهاج المسلم» للشيخ الجليل أبي بكر الجزائري أثابه الله تعالى، ما يلي:
حكمها
زكاة الفطر سنة واجبة على أعيان المسلمين؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: «فرضَ رسولُ الله ﷺ زكاةَ الفطرِ من رمضانَ صاعًا من تمرٍ، أو صاعًا من شَعيرٍ، على العبدِ والحرِّ، والذكرِ والأنثى، والصغيرِ والكبيرِ من المسلمين». متفق عليه، رواه البخاري ومسلم.
سنرى إن شاء الله تعالى ما هو الصاع، ونرى التقدير السهل لمن أراد أن يعرف هذا التقدير.
حكمتها
من حكمة زكاة الفطر أنا تُطهِّر نفس الصائم مما يكون قد علَق بها من آثار اللغو والرفث، كما أنها تغني الفقراء المساكين عن السؤال يوم العيد، فقال قال ابن عباس رضي الله عنهما: «فرضَ رسولُ الله ﷺ زكاة الفطرِ طُهرةً للصائم من اللغوِ والرفثِ، وطُعمةً للمساكين». رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم، وتمامه: «فمَن أدَّاها قبلَ الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعد الصلاةِ فهي صدقةٌ من الصدقاتِ».
مقدارها وأنواع الطعام الذي تخرج منه
مقدار زكاة الفطر صاع، والصاع أربعة أمداد، يعني حفنات، فمقدار زكاة الفطر صاع، والصاع أربعة أمداد، يعني أربع حفنات.
الآن تُقدَّر زكاة الفطر بأربع حفنات، فقير يُخرج أربع حفنات من دقيق.
يأتي الناس ويقولون: كم زكاة الفطر الآن؟ فيقال كذا.. فتكون بذلك قد سوَّيتَ بين الفقير والغني، وهذا خطأ، وسنتكلم إن شاء الله تعالى عن هذه النقطة بإذن الله تعالى.
وتخرج من غالب قوت أهل البلد سواء كان قمحًا أو شعيرًا أو تمرًا أو أرزًّا أو زبيبًا، أو أقطًا، والأقط: اللبن المجفف؛ لقول أبي سعيد رضي الله عنه: كنا إذ كان فينا رسول الله ﷺ نُخرج زكاةَ الفطر عن كل صغير وكبير، حر أو مملوك، صاعًا من طعام أو صاع من أقِط، أي: اللبن المجفف، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب.
فهنا قبل أن ننتقل إلى نقطة الطعام أو غير الطعام، كان عثمان بن عفان يُخرج زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه، وهذا شيء مستحبٌّ، يعني لو أن رجلًا امرأته حامل يُستحَب له أن يخرج زكاة الفطر عن هذا الجنين.
لا تخرج من غير الطعام.
الواجب أن تخرج زكاة الفطر من أنواع الطعام، ولا يُعدَل عنه إلى النقود إلا لضرورة، إذ لم يثبت أن النبي ﷺ أخرج بدلها نقودًا، بل لم يُنقل حتى عن الصحابة إخراجها نقودًا أبدًا.
وسبحان الله! يعني أنت عندما تكون زكاة الفطر هذا العام خمسة جنيهات، أو ثلاثة جنيهات، أو عشرة جنيهات، أو عشرين جنيهًا، فقد سوَّيتَ بين الفقير والغني.
لكن الفقير من الممكن أن يخرج أربع حفنات من الدقيق، والغني بإمكانه أن يخرج أربع حفنات من الزبيب.
وقد يقول قائل: وماذا يفعل الفقير بالزبيب؟ سبحان الله! أليس الأصل فيه أن يأكل؟
ثم إن الذي يقول إنها تُخرج من النقود، هذا يقدِّم بين يدي الله ورسوله، والله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيم} [الحجرات:1].
وأنت ترى أن أي رجل عنده أولاد بمجرد أن يُيسِّر الله تعالى له المال يأتي بخزين في البيت، فينزل يأتي بأرز، ويأتي بقمح عند الناس الذين يطحنون في الأرياف، يأتي بزيت مثلًا، يأتي بفاصولياء، يأتي بفول أو عدس لكي يُطبخ .. وهكذا، هذا الذي يريد أن يدخره الله تعالى للفقير، لكن المال يمكن أن يُصرف.
ولو كانت من المال لضمَّها الله تعالى إلى زكاة المال، لكن هذه الزكاة فِطر، هناك زكاة حبوب، زكاة الزروع تُخرج من الحبوب، زكاة المال تُخرج من المال، زكاة الأنعام تُخرج من الأنعام.
لكن سبحان الله في زكاة الإبل يُخرَج من خمسة من الإبل شاة وليس جملًا، انظر إلى رحمة الله تعالى بصاحب المال، فإذا كان عنده خمسة جمال، لا تقل له أخرج جملًا، يعني خُمس ماله، فمن رحمة الله تعالى بعباده أنه جعل في زكاة الإبل عندما تبلغ خمسة جمال تخرج عنها شاة.
فانظر، كيف أُخرج صنف من غيره! إذن لا نحكِّم العقل مع النقل، بل لا بد للإنسان أن يمتثل ما أمر الله تعالى به.
فلا تُخرَج من غير الطعام
وقت وجوبها، ووقت إخراجها
تجب زكاة الفطر بحلول ليلة العيد، هذا على سبيل الوجوب، وأوقات إخراجها، وقت جواز، ووقت أداء أو استحباب، ووقت قضاء.
وقت جواز، وهو إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو بيومين لفعل ابن عمر ذلك.
ووقت أداء فاضل، وهو من طلوع فجر يوم العيد إلى قبيل الصلاة، يعني بعد أذان الفجر؛ لأمره ﷺ بزكاة الفطر أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة؛ ولقول ابن عباس رضي الله عنهما: «فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر طُهرةً للصائم من اللغو والرفث وطُعمةً للمساكين، فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة متقبَّلة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» وقد تقدم.
ووقت قضاء
وهو من بعد صلاة العيد فصاعدًا، فإنها تؤدَّى فيه وتجزئ لكن مع الكراهة.
مصرف زكاة الفطر
علمنا أن زكاة الفطر تخرج بعد أذان الفجر وقبل صلاة العيد، إذن لا تُنقل من بلد إلى بلد، وإلا لو تخيلنا أن سيارة من السيارات الكبرى بها أحمال من القمح تخرج من أسوان إلى أقاربه في القاهرة، أو الذي في القاهرة تخرج إلى أقاربه في أسوان.. إلى آخره، هذا ذهاب وإياب، فمن رحمة الله تعالى في زكاة الفطر بصفة خاصة أنها تخرج في نفس البلدة، بعكس زكاة المال فيجوز أن تُخرجها إلى أقاربك حتى لو في بلد آخر.
مصرف زكاة الفطر كمصرف الزكوات العامة، غير أن الفقراء والمساكين أولى بها من باقي السهام؛ لقوله ﷺ: «أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم».
فلا تدفع لغير الفقراء إلا عند انعدامهم، أو خفة فقرهم، أو اشتداد حاجة غيرهم من ذوي السهام.
تنبيهات مهمة
أولًا: يجوز أن تدفع المرأة الغنية زكاتها لزوجها الفقير، والعكس لا يجوز؛ لأن نفقة المرأة واجبة على الرجل، وليست نفقة الرجل واجبة على المرأة.
وهذا في أنواع الزكاة بصفة عامة، يجوز للمرأة الغنية أن تخرج زكاتها لزوجها الفقير.
ثانيًا: تسقط زكاة الفطر عمن لا يملك قوت يومه؛ إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
ثالثًا: من فضَلَ له عن قوت يومه شيء فأخرجه أجزأه؛ لقول الله تعالى {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.
ما معنى ذلك؟ واحد عنده أربع حفنات من دقيق، أكل هو وأولاده ثلاث حفنات، وبقيت حَفنة، يتصدق بهذه الحفنة؛ لأن هذه تختلف عن زكاة المال.
يجوز صرف صدقة الفطر إلى متعددين موزعة عليهم، ويجوز صرف صدقة عدة أفراد إلى فرد واحد؛ إذ جاءت عن الشارع مطلقة غير مقيدة.
فيجوز لك أن تدفع كل زكاتك لشخص واحد، ويجوز لك أن تدفع زكاتك لأشخاص عدة.
خامسًا: تجب زكاة الفطر على المسلم في البلد الذي هو مقيم به.
سادسًا: لا يجوز نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد آخر إلا لضرورة شأنها شأن الزكاة.